قال ثم إن الحسين (عليه السلام) قام و ركب و سار و كلما أراد المسير يمنعونه تارة و يسايرونه أخرى حتى بلغ كربلاء و كان ذلك في اليوم الثاني من المحرم . فلما وصلها قال ما اسم هذه الأرض فقيل كربلاء فقال (عليه السلام) اللهم إني أعوذ بك من الكرب و البلاء ثم قال هذا موضع كرب و بلاء انزلوا هاهنا محط رحالنا و مسفك دمائنا و هنا محل قبورنا بهذا حدثني جدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
فنزلوا جميعا و نزل الحر و أصحابه ناحية .
و جلس الحسين (عليه السلام) يصلح سيفه و يقول :
يا دهر أف لك من خليل كم لك بالإشراق و الأصيل
من طالب و صاحب قتيل و الدهر لا يقنع بالبديل
و كل حي سالك سبيل ما أقرب الوعد من الرحيل
و إنما الأمر إلى الجليل ما عملته زينب والعيال عند سماعهم للابيات
قال الراوي فسمعت زينب بنت فاطمة (عليه السلام) ذلك فقالت يا أخي هذا كلام من أيقن بالقتل فقال (عليه السلام) نعم يا أختاه فقالت زينب وا ثكلاه ينعى الحسين (عليه السلام) إلىّ نفسه قال و بكى النسوة و لطمن الخدود و شققن الجيوب و جعلت أم كلثوم تنادي وا محمداه وا علياه وا أماه وا أخاه وا حسيناه وا ضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله قال فعزاها الحسين (عليه السلام) و قال لها يا أختاه تعزى بعزاء الله فإن سكان السماوات يفنون و أهل الأرض كلهم يموتون و جميع البرية يهلكون ثم قال يا أختاه يا أم كلثوم و أنت يا زينب و أنت يا فاطمة و أنت يا رباب انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا و لا تخمشن علي وجها و لا تقلن هجرا.